زاوية سيدي خليف
سميت زاوية سيدي خليف نسبة إلى القاضي خليف بن عيسى الأكبر الويشاوي، حيث تقع زاوية سيدي خليف في قلب الأحياء العتيقة لبونة، تحديدا وراء قاعة السّينما لو ريجون سابقا، ومقابلة لدار بنقي، وبجنبها دار بن عابد ، وقد ظلت لقرون مضت جامعا ذو مئذنة بهيّة، إلى أن تمّ تخريبه من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي فيما بين سنة 1251 ه / 1835 م وسنة 1261 ه / 1845م، حيث هدمت المئذنة كليا وحول جزء كبير من الجامع إلى مباني سكنية تأوي المعمرين ذوي الأصول المالطية
أما ما تبقى من المعلم فصار بعدها زاويةً صغيرة، فتحول جامع سيدي خليف إلى زاوية سيدي خليف
تتميز الزاوية بقبّة في باحتها، بها ضريحين لآل بن صاري أحدهما أميرال تركي والآخر يغلب على ظنّي أنّه للشّيخ عبد الرّحمن بن صاري، بالإضافة لقبر ثالث هو للقاضي المالكي جلول بن عمارة الجد الثاني لمحمد ولد الكرد
يذكر حسن دردور أن المبنى شيد في الأصل ليستقبل ضريح القاضي سيدي خليف، غير أنه دفن بمدينة قسنطينة
هو أبو معزى خليْف بن العلّامة الفقيه عيسى الأكبربن محمّد الويشاوي البُوني العنّابي، الشّيخ، العالم، العلّامة، الفقيه المالكي، المحدّث، السّند، المدرّس، المربّي، المؤدّب، الأستاذ، العارف، الصّالح، الفاضل، قاضي قضاة المالكيّة بسنجق بلاد العنّاب، وأحد أشهر علماءها في القرنين العاشر والحادي عشر الهجري الموافق للقرنين السّادس عشر والسّابع عشر الميلادي، والشّهير عند أهل قسنطينة بالشّيخ بومعزى والمعروف أيضا بعنّابة ببومدفع
ولد ببونة في منتصف القرن العاشر الهجري الموافق لمنتصف القرن السّابع عشر الميلادي، وبها نشأ وتعلّم وترعرع وتعلّم في بيت سؤدد ومعرفة وعلم وجاه، يعدّ من أشهر البيوتات العلميّة بعنّابة. والدته السيّدة الفاضلة والمرأة الصّالحة لالّة يمّونة بنت بلحمر العنّابيّة
أخذ العلم على جدّه العلّامة الفقيه عيسى الأكبر بن محمّد الويشاوي، وعلى والده الشّيخ الفقيه قاسم بن عيسى الأكبر الويشاوي، ووالدته لالّة يمّونة بنت بلحمر، ومن الّذين أخذوا عنه : الشّيخ بلعيد بن بن ضيف الله البُوني
كان مدرّسا وأستاذا بجامعة أبي مروان الشّريف، وكذا بجوامع بلد العنّاب الأخرى كالجامع الّذي كان يحمل اسمه
ولقد عاصر المترجم له الهجمة الثّالثة من هجمات النّصارى على بلد العنّاب، إذ جاء في التّعريف ببونة الإفريقيّة بلد سيدي أبي مروان الشّريف
والثّالثة عام 982 ه حضرها والد جدّنا الشّيخ سيدي أبو العيد وشيخه ومفيده سيدي خليف بن الشّيخ الأكبر سيدي عيسى الويشاوي رحمهم الله تعالى
قال في حقّه أحمد بن قاسم البُوني بالباب الأوّل من ألفيته » في ذكر علماء وصلحاء بونة بلدنا، حرسها الله تعالى، آمين الّذين ذكرهم العلّامة المؤرّخ سيدي علي عرف فضلون البوني ممّن كان في البلد أو قريبا منه، رضي الله تعالى عنهم وعنه أجمعين والله سبحانه وتعالى النّاصر والمعين
وبالــــــــــــــوليّ سيـــــــــــــدي خليــــــف العارف المكاشـــف العفيف
وهو الّذي كان من أهل الخطـــــوة وفي أقلّ الوقــــت يقضى شأوه
عدّت لــــــــــه وقايـــــع في ذلك وقانا الله به مـــــــن المهــــاتك
بالفصل الثّالث من الباب الثّالث لألفيته » في ذكر سيدي عيسى الويشاوي وبعض ذريّته وإن دفن خارج البلد فإنّ دياره وديار ذريّته وأسباطه داخل البلد
وبخليفه نجل عيـــــــــــــــــــــــسى الأكبر دفين قسطنطينة ذي العـــــــــــــبر
وبأبي معــــــــــــزى فيـــها يعــــــــــــــرف كـــــــــــــــان في قــــــــبره التّصـــــــــرّف
وتروي لنا الذّاكرة الشّفويّة الشّعبيّة أنّ من ألقاب الشّيخ خليْف الويشاوي الّتي عرف بها : بُو لَمْدَافع، أو بومدفع، والّذي أصبح محلّا شاهدا يذكره أهل عنّابة عند رؤية شيء مُفرح أو نصر أو خبر سارٍ أو عمل أنجز باتقان وبسرعة ادفع يا بومدفع
ويرجع سبب تكنّيه بهذه الكنية أنّ كلّ القضاة ببرّ بلد العنّاب سواء أ كانوا على مذهب الحنفيّة أو المالكيّة يؤدّون القسم عنده قبل تعيينهم لممارسة القضاء، وكذلك كان جامعه مكانا لأداء القسم بالنّسبة للمُتخاصمين والمتنازعين فيما بينهم فمن كان منهم مفتريا فإنّه يكون من الهالكين، وعلى مرآى المؤمنين
وقد خلّد ذكر الشّيخ خليْف الويشاوي في أحد الأشغال الّتي تنشد من طرف الأجواق النّسائيّة الّتي تعرف باسم لَفْقيرات عند تصديرة العروس، والّذي يسمّى بالَمْحَاضري
والشّــــــــــــــــــــيخ بو معزى جـــــــريح دايــــــــا
سيدي الجليل سيدي مـــــــولى العناية
كمّا خُلّد أيضا مع والدته بقصيدة كانت تؤدّى من طرف أجواق المالوفجيّة والقادريّة وغيرهم وهذا مقطع منها
» سيدي خليف والعيطة يا مجمـــــــع دوايا … نحلف حليف نشــــــــــــكي لخالقي مولايا
يا باهي النّسبة يا بن عيسى الويشاوي … فكّاك الكربة مــــــــولى السّــــــــــــــــر والعناية
يا بولمدافع شيـــــــــخي ندهة الموضـــــــــــــــام … والسّر الباتع ان شا الله تحضر أ معايا
لالّة يمّـــــــونة وارجـــــــــال الدّالة شيلوني … جواهر مصيونة أمّ النّشــــــــــاشب ا قوايا
توفي رحمه الله تعالى بقسنطينة ودفن بتربة جامع الأربعين شريفا، كما جاء ذكر ذلك في التّعريف ببونة الإفريقيّة بلد سيدي أبي مروان الشّريف
وانتقل سيدي خليْف وتلميذه سيدي أبو العيد إلى بلد قسنطينة ذات الهوى، وسيدي خليْف دفين بلد قسنطينة، ويعرف عند أهلها بسيدي أبي معزى وسبب ذلك يطول جلبه وهو مقرّر عند أهلها
كتبه سليم بن مصطفى بوريش العنّابي
المراجع
أحمد البوني : الدّرّة المصونة في صلحاء وعلماء بونة
أحمد البوني : التّعريف ببونة إفريقيّة بلد سيدي أبي مروان الشّريف
Livre « Annaba. 25 siècles de vie quotidienne et de luttes, tome II » de H’sen Derdour.
شكرا على المعلومات القيمة